صراعات وتنظيم دفاعى.. كيف يلعب ريال مدريد رفقة أنشيلوتى؟
"تدريب ريال مدريد مسؤولية جميلة لأنه النادي الأكثر شهرة ورقي في العالم؛ أعرف الفريق جيداً ، شباب الفريق الثاني ، اللاعبين الذين عادوا من الإعارة .. هناك العديد من الخيارات. أريد أن أجري تقييمًا للجميع بهدوء شديد".
بهذه الكلمات عبر كارلو أنشيلوتي، المدير الفني الجديد لريال مدريد عن سعادته بتوليه منصب مدرب النادي الملكي؛ في مؤتمر تقديمه اليوم الأربعاء.
كارلو أنشيلوتي سبق له تدريب النادي الملكي في موسمي 2013-2014؛ و2014-2015؛ قبل الرحيل لتدريب بايرن ميونخ بعدما أعاد ريال مدريد للتتويج الأوروبي بالفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة في تاريخ النادي.
ويخوض «الكابتن» جولة في عقل كارلو أنشيلوتي، المدير الفني لريال مدريد، ويحلل كيف سيكون شكل الفريق حسب خططه؟
قبل أي شيء؛ سنخوض قليلًا في طريقة لعب إيفرتون مع أنشيلوتي في الموسم الماضي.
اعتمد كارلو أنشيلوتي في فترة تدريبه لنادي إيفرتون على طريقة الـ"4-4-2"؛ والتي لم تأت نفعها؛ إذ كان أغلب اعتماد الفريق على انطلاقات كالفين كلوين في المساحات خلف المدافعين ووضع الكرات الطولية له؛ وكذلك انطلاقات الجناحين ودخولهم لمنطقة جزاء الخصم ومنح الكرة لهم لتشتيت دفاعات الخصوم.
فريق أنشيلوتي اعتمد على أسلوب التمريرات القصيرة من أجل الاستحواذ على الكرة وخلق ثغرة في دفاعات الخصوم وتمرير الكرة لكالفيرت كلوين، وهو مايظهره إحصائيات الموسم الماضي للتوفيز؛ إذ أن 84% من تمريرات الفريق كانت تمريرات قصيرة؛ و12% كرات طويلة؛ و4% كرات عرضية.
أي أنه كان يرغب في فرض أسلوبه على الخصوم؛ وليس الهجمات المرتدة كما اعتاد مع النادي الملكي وهو ماكلف الفريق الكثير من النتائج السلبية خلا الموسم كانت أقساها الخسارة أمام مانشستر سيتي في الجولة الأخيرة بخمسة أهداف نظيفة.
إيفرتون رفقة أنشيلوتي حل في المركز العاشر بترتيب الدوري الانجليزي بعد أن جمع 59 نقطة فقط.
الـ«4-3-3» وعودة التنظيم الدفاعي
ريال مدريد مع أنشيلوتي اعتمد بشكل كبير على خطة الـ"4-3-3"؛ والتي قامت بشكل أساسي على غلق المساحات الدفاعية أمام الخصوم، وحرمانهم من الوصول للمرمى سواء عن طريق جانبي الملعب بعودة الجناحين لتقديم الدعم الدفاعي لظهيري الجنب؛ وكذلك بوجود ثلاثية في وسط الملعب ؛ تؤمن المساحات أمام خط الدفاع ثم التحول السريع للهجمة المرتدة عن طريق التمريرات على جانبي الملعب للأجنحة سواء جاريث بيل أو كريستيانو رونالدو.
أما بالنسبة لوسط الملعب؛ فكان الاعتماد على توني كروس كمحور وسط دفاعي ورأس المثلث اعتمادًا على دقة تمريراته لزملائه؛ وإيجاد المساحة المناسبة لتحضير الهجمات؛ وبجانبه لوكا مودريتش، وجيمس رودريجز، الذي كان يتحول في الحالة الهجومية للفريق إلى مركز صانع الألعاب ليمنح الفريق بعضًا من الدعم الهجومي بزيادة فرصة الملكي في الحصول على الكرة
من المتوقع أن يعود أنشيلوتي لفلسفته القديمة؛ والاعتماد على تلك الخطة؛ والتي مهد لها بحديثه عن مستوى جاريث بيل مع توتنهام مما يزيد من احتمالية عودة قائد المنتخب الويلزي لريال مدريد خاصة بعد رحيل زيدان.
أحد المشاكل التي ظهرت لدى ريال مدريد في الموسم الماضي؛ هي سوء تنظيم الفريق في الحالة الدفاعية وأثناء تعرض الفريق للضغط العالي؛ وهنا يأتي دور أنشيلوتي في استخدامه للتمريرات القصيرة وتضييق المساحات بين الخطوط في حالة فقدان الفريق للكرة؛ ومحاولة الخروج من الحالة الدفاعية للهجومية عن طريق إحدى الكرات الطولية في المساحة خلف مدافعي الخصم؛ وكذلك الاعتماد بشكل كبير على خروج لاعبي الدفاع بالكرة من الخلف بالتمريرات الأرضية وليس الاعتماد على الكرات الطولية من الخلف للأمام مباشرة.
كذلك ظهيري الجنب سيعول عليهما الكثير من الأدوار في الخطة الخاصة بأنشيلوتي خاصة في حالة الفريق الهجومية؛ بالتقدم بضعة أمتار للأمام لتقديم الزيادة العددية بوسط الملعب؛ وكذلك زيادة فرصة الفريق في استعادة الكرة حال فقدانها؛ فيما يتحول الظهير الآخر إلى مدافع ثالث بجوار قلبي الدفاع لتأمين الخطوط الخلفية للفريق.
صراع لاتيني أوروبي على وسط الملعب
كل المؤشرات ترجح أن الخاسر الأكبر من عودة أنشيلوتي سيكون لاعب الوسط البرازيلي، كاسميرو، لأن مركزه الأساسي في تشكيل الملكي بات مهددًا في ظل وجود فريدريكو فالفيردي، والذي يتميز عن كاسميرو في قدرته على الخروج بالكرة تحت الضغط؛ وإجادة التمريرات الأمامية والمفتاحية للمهاجمين.
فالفيردي، كان أحد العوامل المهمة في تشكيل زيدان بالموسم الماضي وشارك في بعض المباريات كلاعب وسط يتحول للجناح ويقدم الدعم الهجومي لزملائه فضلًا عن تأدية أدواره الدفاعية؛ وهو ماسيجعله أحد العناصر الهامة في تشكيل أنشيلوتي.
ولعب فالفيردي في الموسم الماضي 31 مباراة رفقة الملكي في كل البطولات؛ بين وسط الملعب الارتكاز والوسط الدفاعي؛ والظهير الأيمن والجناح الأيمن؛ وهو مايجعله أفضل الخيارات المتاحة في وسط الملعب لأنشيلوتي خاصة أن الحالة المادية للنادي الملكي لن تسمح بإبرام صفقات كبيرة في الانتقالات المقبلة؛ وكذلك في ظل تقدم كلًا من مودريتش وكروس بالعمر.
ويجيد كلًا من الألماني توني كروس، والكرواتي لوكا مودريتش، لاعبا وسط الملكي التحكم في مجريات اللعب؛ وتحويل الفريق من الحالة الدفاعية للهجومية وتحرره من الضغط بتمريراتهما الدقيقة؛ وهو ماجعل الثنائي من العناصر المهمة والتي ساهمت في احتلال الملكي لعرش أوروبا لسنوات.
ولكن مع تقدمهما بالعمر؛ وفي ظل تطبيق أنشيلوتي لأفكاره باللعب الدفاعي والاعتماد على الهجمات المرتدة الخاطفة؛ فإن الثنائي سيخوض معركة واضحة من أجل الحفاظ على مركزيهما الأساسي بالفريق ولكن من الأفضل أن يبدأ أنشيلوتي في التجهيز لمرحلة مابعد اعتزالهما والاعتماد بشكل أكبر على العناصر أصحاب المعدلات العمرية المنخفضة والمجهود البدني الوافر؛ وهذا لن يحدث بين يوم وليلة ولكن يجب أن يتم بالتدريج من أجل الحفاظ على اتزان الفريق.
إدين هازارد والفرصة الأخيرة
بالعودة لنسخة ريال مدريد مع أنشيلوتي في فترته السابقة؛ لعب جيمس رودريجز العديد من الأدوار في الفريق؛ إذ كان موقعه في الملعب بشكل نظري هو وسط الملعب؛ ولكن اعتماد أنشيلوتي عليه في التحرك بين خطوط الخصم؛ واستلام الكرات لاختراق عمق دفاعاته وضعه كأحد أهم لاعبي الملكي.
ولكن رودريجز ليس موجودًا الآن، وإيسكو ليس في حالته الفنية الكاملة؛ هنا قد تلمع في رأس أنشيلوتي فكرة وضع هازارد في هذا المكان؛ والإبقاء على كاسميرو، أو توني كروس بجوار فالفيردي في وسط الملعب مع الاعتماد على تقدم البلجيكي في الحالة الهجومية للفريق ليتحول كصانع ألعاب؛ ودخوله لعمق الملعب من المساحات الخلفية وهو ماأجاده بشكل كبير رفقة تشيلسي.
وكذلك منحه بعض الأدوار الدفاعية؛ وتقديم الديناميكية اللازمة للفريق حسب ظروف المباريات بتحوله للاعب جناح أيمن وتقدم الجناح الأساسي إلى مركز المهاجم الثاني؛ أو وجوده كلاعب وسط دفاعي ثالث وتأمين الرواق الأيمن للملكي بوجوده أمام ثنائية الوسط الدفاعي.
الـ«4-2-3-1».. الدفاع خير وسيلة للهجوم
إحدى الخطط التي من المرجح أن يلجأ إليها مستر كارلو في بعض المباريات هي الـ«4-2-3-1» والتي تقوم بشكل أساسي على وجود لاعبي وسط ملعب بواجبات دفاعية؛ والاعتماد على غلق كل المساحات الممكنة أمام الخصوم، وكذلك تحولاتها الدفاعية إلى 4-5-1 صريحة؛ بوجود كل لاعبي وسط الملعب والجناحين وصانع الألعاب خلف الكرة؛ مع تقدم المهاجم بضعة أمتار للأمام والضغط على حامل الكرة من الخصم.
وتضفي هذه الخطة طابع دفاعيًا أكبر من خطة الـ«4-3-3» إذ أنها تمنح كل لاعبي الفريق واجبات دفاعية؛ بداية من المهاجم وحتى آخر لاعبي وسط الملعب؛ وهنا قد يلجأ أنشيلوتي إلى تلك الخطة في بعض المباريات المعقدة والتي يواجه فيها خصومًا تمتلك لاعبين أصحاب قدرات بدنية عالية؛ ويعتمد مدربيها على الانطلاقات على جانبي الملعب من قبل الجناحين.
هذه الخطة تبدو مناسبة لريال مدريد في ظل الإمكانيات المتاحة لدى الفريق بالاعتماد على إدين هازارد في مركز صانع الألعاب؛ وعلى جانبي الملعب كلًا من رودريحو جويس في الجناح الأيسر؛ وهو الاختيار الأفضل في ظل المستوى المتذبذب لمواطنه فينسيوس جونيور؛ كما أنه من الممكن الاعتماد على فردريكو فالفيردي في الجناح الأيمن باعتباره أحد الخيارات التكتيكية المميزة للملكي وأشركه زيدان في هذا المركز بالموسم الماضي؛ أو في حالة عودة جاريث بيل لسانتياجو برنابيو سيكون هو الخيار الأول لدى أنشيلوتي.
مرة أخرى يحاول فلورنتينو بيريز اسنتساخ ماقُدِم من قبل؛ فعلها مع زيدان وأعاده دون صلاحيات أو صفقات تدعم الفريق بشكل جيد؛ والآن يعيد أنشيلوتي، رجل العاشرة؛ لكن كل هذه التكهنات والأحاديث لن تكون ذات جدوى إلا إذا ترك رئيس النادي مدربه يعمل في هدوء وبعيدًا عن صخب الأغراض التسويقية والتجارية للنادي؛ فالمستطيل الأخضر لكرة القدم أولًا ثم للتسويق والدعاية؛ إلى فلورنتينو بيريز.. عليك بالتسويق واترك كرة ريال مدريد وشأنها.