منتخبات صنعت تاريخ اليورو«5».. 2016 البرتغال وكتابة التاريخ بدون رونالدو في الفصل الأخير
أيام قليلة تفصلنا عن بطولة كأس أمم أوروبا في نسختها السادسة عشرة، حيث ستقام النسخة الجارية الاستثنائية للبطولة في عدة دول أوروبية.
بطولة ينتظرها الجميع بعدما تأجلت لمدة عام بسبب انتشار وباء كورونا في العالم.
ودائمًا ما تشهد بطولات كأس الأمم الأوروبية مولد وبزوغ نجم بعض المنتخبات التى تمكنت من تحقيق المجد خلال العرس القاري الكبير.
ويستعرض الكابتن عبر سلسلة تقارير «منتخبات صنعت التاريخ»، أبرز المنتخبات التي تألقت عبر تاريخ منافسات كأس الأمم الأوروبية.
وفي الحلقة الرابعة من السلسلة؛ يستعرض «الكابتن» رحلة المنتخب البرتغالي نحو تحقيق المجد والبطولة الكبرى الوحيدة في تاريخهم.. بطولة يورو 2016.
بداية القصة؟ كانت الخروج المذل للبرتغال من دور المجموعات لبطولة كأس العالم 2014، فمنتخب به كريستيانو رونالدو في أوج عطائه لا يجب ألا ينافس على الأقل سوى في الأدوار الإقصائية، لتتم إقالة باولو بينتو، وتعيين فيرناندو سانتوس بعد رحلة ناجحة مع اليونان.
سانتوس تولى المهمة وقاد البرتغال في يورو 2016.. مهمة صعبة بعناصر تقدم لاعبوها في السن إلى حد ما، تشكيل ليس به العديد من العناصر المهارية التي تصنع الفارق باستثناء رونالدو وناني، لكن سانتوس حشد أسلحته لـ يورو فرنسا.
البطولة كانت مميزة، فهي أول نسخة من 24 منتخبًا، بطولة ستسمح لـ أفضل 4 ثوالث من المجموعات للتأهل للدأدوار الإقصائية، ولولا ذلك لما رأينا البرتغال بطلًا لليورو.. القرعة أوقعت "برازيل أوروبا" في المجموعة السادسة رفقة منتخبات المجر والنمسا وإيسلندا.. مجموعة قبل انطلاق البطولة صنفت من ضمن الأضعف، والجميع أكد صعود البرتغال كمتصدر للمجموعة، لكن الأمر لم يكن سهلًا.
معاناة المجموعات
المنتخب البرتغالي بدأ مشواره بمواجهة منتخب إيسلندا، وهو الذي تأهل للبطولة للمرة الأولى في تاريخه، لكن رفاق رونالدو عانوا كثيرًا، واستطاعوا الخروج بنقطة التعادل بعد انتهاء اللقاء بنتيجة 1-1.
ثاني مباريات البرتغاليين كانت أمام المنتخب النمساوي، وانتهى اللقاء بالتعادل السلبي بدون أهداف، لتتعقد مهمتهم قبل آخر جولة أمام المنتخب المجري.
مباراة المجر كانت الأصعب للبرتغال، المجر تتقدم في النتيجة فيعادل ناني، تعود المجر للتقدم مرة والأخرى، لكن رونالدو كان حاضرًا بتسجيله ثنائية، لينتهي اللقاء بالتعادل الإيجابي 3-3، ويصعد المنتخب البرتغالي كثالث أفضل الفرق المحتلة للمركز الثالث برصيد 3 تعادلات.. صفر انتصارات وصفر فارق للأهداف.
المعاناة تستمر في الأدوار الإقصائية
احتلال البرتغاليين للمركز الثالث، عني هذا مواجهتهم لفريق متصدر لمجموعته في دور المجموعات، ليصطدموا بالمنتخب الكرواتي في دور الـ 16.
وفي مواجهة كرواتيا، عانى البرتغاليون كثيرًا.. المنتخب الكرواتي كان أخطر، أفضل، أكثر تهديدًا، أكثر استحواذًا، كان الأفضل في المباراة منذ بدايتها وحتى النهاية.. الوقت الأصلي انتهى بالتعادل السلبي، لتتجه المباراة للأشواط الإضافية.
وفي الأشواط الإضافية، استطاع ريكاردو كواريزما تسجيل هدف الانتصار للبرتغال في الدقيقة 117 من متابعة لتسديدة رونالدو، لتجتاز البرتغال عقبة صعبة مرة أخرى ويتأهلوا لربع النهائي لمواجهة بولندا.
وفي مواجهة ربع النهائي أمام بولندا، تلقى منتخب البرتغال هدفًا مبكرًا عن طريق روبرت ليفاندوفسكي في الدقيقة الثانية.
منتخب البرتغال كان أفضل في تلك المباراة من سابقيها، فعدل ريناتو سانشيز - والذي كان أحد اكتشافات البرتغال وأفضل لاعبيها في البطولة - النتيجة لمنتخب بلاده في الدقيقة 33.
البرتغال كانت أخطر، استحوذوا على الكرة، أضاعوا الكرات، انتهى الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل، ليحتكم المنتخبان لضربات الترجيح.
وفي ركلات الحظ، تألق روي باتريشو أمام تسديدة بلاتشيكوفسكي، ليقود البرتغاليين لنصف نهائي البطولة، أمام منتخب ويلز الحصان الأسود للمسابقة آنذاك.
واجه البرتغاليون منتخب ويلز، وكان رونالدو بارعًا للغاية في تلك المباراة.. للمرة الأولى لم يعان المنتخب البرتغالي حتى اللحظة الأخيرة، انتصروا على رفاق جاريث بيل بهدفي كريستيانو وناني، ليصعدوا لأصعب اختباراتهم.. لأول منتخب من الصفوة يواجهونه في تلك البطولة، وفي المباراة النهائية.. منتخب فرنسا صاحب الأرض والجمهور.
نهائي اليورو وإصابة رونالدو.. كيف حققوا المجد بدونه؟
الجميع توقع فوز منتخب فرنسا باللقب، لاعتبارات كثيرة، فهو الأقوى، الأكثر جاهزية، يمتلك ميزة الأرض والجمهور، أما المنتخب البرتغالي، فهو نعم يمتلك كريستيانو رونالدو، خطي دفاع ووسط قويين، لكن الأفضلية كانت للفرنسيين أيضًا.
انطلقت المباراة، فرنسا تبحث عن لقبها الأول، والبرتغال تسعى لمعانقة المجد للمرة الأولى في تاريخها، ولكن حدث ما لا يسر البرتغاليين، حدثت أكبر صدماتهم ربما على مر التاريخ.. نجمهم وأملهم وقائدهم كريستيانو رونالدو تعرض لإصابة قوية بعد تدخل ديمتري باييه.. فقط بعد 7 دقائق من انطلاق المباراة، وكأن الزمن توقف بالنسبة لأبناء مدن لشبونة وبورتو وماديرا وغيرهم.
تألم رونالدو كثيرًا، رفض الخروج، نزل لأرضية الملعب ثم سقط.. نزل مرة أخرى ثم سقط ثانية، وانهمر بالبكاء، فهو الذي حمل على عاتقه قيادة منتخب بلاده لسنوات، سيتركهم في أهم اللحظات بأمر خارج عن إرادته.. خرج رونالدو باكيًا، وبكت معه قلوب كافة البرتغاليين.
منتخب فرنسا لعب على العامل النفسي للمنتخب البرتغالي، والذي تأثر بلا شك بإصابة قائدهم رونالدو، وبالفعل هدد رفاق جريزمان مرمى باتريشو في أكثر من مناسبة، لكن روي كان حاضرًا بقوة مثلما حضر خط الدفاع بالكامل، على رأسهم بيبي والذي قدم مباراة تُدرس لكافة المدافعين.
سانتوس دفع بأوراقه الهجومية والدفاعية.. دفع بإيدير قبل نهاية الوقت الأصلي بعشر دقائق تقريبًا، إيدير كان رأس الحربة الوحيد في قائمة البرتغاليين للبطولة، لم يكن كالظاهرة رونالدو أو زلاتان إبراهيموفيتش أو ليفاندوفسكي، جاء ليكمل عدد القائمة، ولم يعتمد سانتوس على مهاجم سبورتينج براجا آنذاك كثيرًا.
المباراة ذهبت للأشواط الإضافية، وهي التي استرد فيها منتخب البرتغال جزءًا من بريقه، وسط تحميس وتشجيع الغائب الحاضر، رونالدو الذي كان كالمدرب الثاني خارج الخط، يحفز زملائه ولا يمل من ذلك.
رفاق ناني أخذوا يضيعون في الفرص، وخط الدفاع وباتريشو يزيدون عن مرمى البرتغال، حتى الدقيقة 19، عندما تواجد إيدير في منتصف ملعب فرنسا وحيدًا، وصلت له الكرة وسط 6 لاعبين لمنتخب الديوك، ليتخذ قرارًا مفاجئًا بالتسديد.. سدد الكرة لترتطم بالأرض أكثر من مرة أثناء طريقها للمرمى.. غالطت لوريس لتدخل الفرحة على قلوب جميع البرتغاليين، لتُنسي رونالدو إصابته ومرارة ترك منتخب بلاده وحيدًا.. لتحقق لقب اليورو للمرة الأولى في التاريخ.. كافئت رونالدو وكافئت البرتغال أمام أكثر من 75 ألف مواطن فرنسي على ملعب بارك دو فرانس.