مشروع بطل.. هل يكتب ساوثجيت مجد انجلترا في يورو 2020؟
من المعروف عن إنجلترا أنها مهد كرة القدم، والبلد الذى نشأت فيه اللعبة؛ ولكن على الرغم من ذلك فإن إنجازاتها في البطولات الكبرى توقفت عند تحقيق لقب بطولة كأس العالم 1968؛ ثم اقتصرت فيما بعد على المشاركات المشرفة إلا في بطولة الأمم الأوروبية 1996، والتي وصلوا بها لنصف النهائي.
ومع انطلاق بطولة الأمم الأوروبية خرج علينا جاريث ساوثجيت، المدير الفني للمنتخب الإنجليزي بقائمة لاعبيه المستدعاة للبطولة؛ وشهدت أصغر معدل أعمار بين لاعبي البطولة وصل إلى 24.6 سنة؛ ليكشف عن مشروع الانجليز لاحتلال أوروبا.
ما ملامح مشروع إنجلترا؟ وكيف بدأ؟ وهل يمكن لمشروع ساوثجيت أن يضع إنجلترا على عرش أوروبا؟ هذا مايجيب عنه «الكابتن» في السطور التالية.
مشروع ساوثجيت بدأ في عام 2011؛ عندما أسندت إليه مهمة تنمية المواهب الإنجليزية؛ وبدأ في هدم التراث القديم لكرة القدم الإنجليزية الذي اعتمد على الكرات الطويلة داخل منطقة الجزاء؛ وفشله هذه الطريقة في المقاومة أمام كرة إسبانيا وبرشلونة؛ فبدأ بالعمل على قطاعات الناشئين؛ والتواصل مع المدربين في الأكاديميات من أجل اللحاق بركب التطور في كرة القدم.
عمل ساوثجيت على زيادة المهارات الفردية لدى الناشئين الإنجليز؛ وقلص مساحات الملاعب التي يلعبون عليها من أجل تربيتهم على اللعب في المساحات الضيقة ولعب الكرة على الأرض والتعود على كثرة التمرير والاستحواذ ولعب الكرة بكلتا قدميه مما يمهد لجيل واعد تتوافق قدراته مع متطلبات كرة القدم الحديثة؛ خاصة أن المساحات الواسعة في الملاعب تقلل من عدد مرات لمس الناشئ للكرة وهو ما يجبرهم على اللعب بالأسلوب الإنجليزي القديم؛ واستمر على ذلك حتى وضع الاتحاد الإنجليزي خططه فيما سمي بالحمض النووي الإنجليزي.
وظهرت طفرة ساوثجيت على كرة القدم الإنجليزية بعد تدرجه في المناصب وتوليه تدريب منتخب تحت 21 عامًا؛ ثم المنتخب الأول؛ وفي عام 2017؛ فاز منتخب انجلترا تحت 20 عامًا بكأس العالم؛ وحل منتخب 17 عامًا وصيفًا لبطولة أوروبا، كما وصل منتخب تحت 21 عامًا لنصف نهائى اليورو.
ساوثجيت استطاع قيادة المنتخب الإنجليزي إلى المركز الرابع بكأس العالم الماضية؛ ولكنه لم يسلم من الانتقادات بسبب اعتماد المنتخب الانجليزي في أغلب الأوقات على الكرات الثابتة؛ والعرضيات؛ بل إنه سجل 4 من أصل 12 هدفًا في البطولة عن طريق اللعب المفتوح؛ مما أثار الانتقادات حول ساوثجيت ومشروع تطوير اللاعبين الانجليزي.
ولكن هذا سرعان ماتغير مع ساوثجيت في الفترة الحالية خاصة باعتماده على لاعبين مثل فيل فودين، والذي يعد واحدًا من نتائج مشروعه بعد أن فاز رفقة منتخب انجلترا تحت 20 عامًا ببطولة أوروبا في 2017؛ وكذلك وجود لاعبين من ذوي الخبرات مثل هاري كين، وكيل والكر.
يعتمد المنتخب الانجليزي في أغلب مبارياته على خطة 3-4-3، ويتمحور الشكل الهجومي للفريق في انطلاقات لاعبي ظهيري الجنب على الخط؛ وخلخلة دفاعات الخصم عن طريق انضمام الجناحين إلى داخل منطقة الجزاء ليصبح الفريق في حالة زيادة هجومية على دفاع الخصم إذ إنه سيجبر ظهيري الخصم على البقاء خارج المنطقة لمراقبة الظهيرين الانجليز ويصبح داخل منطقة الجزاء 3 لاعبين انجليز مقابل 2 للفريق الخصم.
كما يستفيد المنتخب الانجليزي من وجود هاري كين، مهاجم توتنهام، بخروجه من منطقة الجزاء وتسلمه الكرة أمام المنطقة فيجبر أحد المدافعين في الخروج معه وتتولد مساحة يدخل فيها فيل فودين، أو رحيم ستيرلينج ليتسلم الكرة ويهدد المرمى.
ويستفيد المنتخب الانجليزي من التطور الذي ظهر على مستوى فيل فودين، لاعب فريق مانشستر سيتي، في الموسم الماضي، بعد أن ساهم في 23 هدفًا مسجلًا 15 وصانعًا 8 لزملائه في الفريق؛ وأهم مايميز النجم الشاب هو إيجاده اللعب في المساحة بين الدفاع ووسط الملعب؛واستلام الكرة تحت الضغط وقدرته على التصرف فيها بشكل يضع فريقه في حالة تهديد للخصم؛ بجانب تسديداته المباشرة على المرمى وتميزه في لعب الكرات الهوائية؛ كما يجيد اللعب في مركز المهاجم الوهمي؛ وهي إحدى الخطط التي قد يفكر ساوثجيت في الاعتماد عليها حال تعرض هاري كين للإصابة؛ وهذا ماأظهرته أرقامه بعد نهاية الموسم في الدوري الانجليزي إذ مرر 1531 كرة؛ وأرسل 111 كرة عرضية؛ بجانب تسديده 93 كرة ناحية المرمى.
إحدى المميزات التي تزيد من فرص انجلترا في الفوز بيورو 2020، هي امتلاكها لدكة بدلاء قوية وقريبة من مستوى اللاعبين الأساسيين؛ فيملك ساوثجيت في كل مركز لاعبين أو أكثر؛ وهو مايتيح للمدرب التنويع في طرق اللعب؛ وكذلك تعويض غياب أي لاعب في حالة تعرضه للإصابة أو الإيقاف؛ وهو مالايملكه أغلب المنتخبات المتواجدة في البطولة وعلى سبيل المثال لدى ساوثجيت ماركوس راشفورد، وجادون سانشو، وكولفيرت كلوين و باكويو ساكا في خط الهجوم فضلًا عن هاري كين ورحيم ستيرلينج، وفيل فودين، وجاك جيريليش؛ بينما لايملك المنتخب الإيطالي في الخط الأمامي سوى لورينزو إنسيني، وتشيرو إيموبيلي فقط في الخط الأمامي.
إذًا هل المنتخب الانجليزي بلا عيوب؟
بلاشك المنتخب الانجليزي لديه عيوب ونواقص في خطة اللعب؛ العيب الأكبر والأكثر خطرًا على مشوار الأسود الثلاثة في هذه البطولة هو الخط الدفاعي؛ خاصة في ظل المستوى المتذبذب لهاري ماجواير، والذي تقلصت فرصه في المشاركة بالمباراة الافتتاحية؛ كما أن جون ستونز يرتكب بعض الأخطاء الغريبة والتي تكلفه فريقه أهدافًا في أغلب الأوقات؛ وهو مايصعب من مهمة الفريق في حالة اعتماد ساوثجيت على 3 لاعبين في قلب الدفاع.
ويحاول ساوثجيت تعويض هذه الأزمة بإقحام كيل والكر في مركز قلب الدفاع الثالث؛ وكذلك فكر في تغيير الثنائي الدفاعي بالاعتماد على كونور كودي، وتريوني مينجس.
كما أن ضعف الأدوار الدفاعية للاعبي وسط الملعب سيمثل مشكلة للفريق الانجليزي خاصة في حالة افتقاد الفريق للكرة؛ خاصة أن جوردان هيندرسون، قائد المنتخب قد يغيب عن المباراة الأولى بسبب الإصابة؛ وهو يوجب على ساوثجيت زيادة الأدوار الدفاعية للاعبي الجناح؛ أو تغيير مركز أحد الظهيرين ليدخل في وسط الملعب كلاعب وسط ثالث يقدم الدعم الدفاعي لزميليه.
الحلول الدفاعية لأزمة انجلترا ليست مستحيلة؛ ولكن تتوجب الاعتماد على تقليل المساحات بين وسط الملعب والدفاع؛ والتقارب بين خطوط الفريق في حالة افتقاد الكرة، بجانب عودة تريبير من الرواق الأيمن لوسط الملعب ودخوله كلاعب ظهير دفاعي؛ ليلعب كيل والكر في قلب الدفاع؛ ويصبح شكل الفريق في حالة فقدان الكرة 5-3-2؛ والاعتماد على القوة البدنية لكيل والكر وإيجاده التعامل في الكرات الثنائية؛ بجانب خبراته الكبيرة والتي ستساهم في تدعيم الخط الدفاع الانجليزي.