حكايات أوليمبية "1".. الألعاب الأوليمبية القديمة "رياضة وأساطير والجائزة غصن الزيتون"
كانت الألعاب الأولمبية
أشهر الدورات الرياضية في التاريخ القديم وسميت بهذا الاسم نسبة إلى مدينة أولمبيا
اليونانية التي كانت مركزاً للعبادة.
بدأت الدورات الأولمبية
القديمة عام 776 قبل الميلاد وكانت تقام كل أربع سنوات على شرف زوس كبير آلهة اليونان
وزوجته هيرا وتستمر سبعة أيام ولم تكن مجرد رياضة فقط بل كان لها معان دينية ووطنية.
أقيمت منافسات
الألعاب في واد مليء بالأشجار حيث أقام الإغريق التماثيل وشيدوا المعابد في بستان خصص
لعبادة زوس ويرى بعض الباحثين أن الدورة الأوليمبية الأولى لم تقم عام 776 قبل الميلاد
وأنها أقيمت بعدما نظمت هذه الألعاب في البداية من خلال مهرجانات تقام أيضا كل أربع
سنوات نتيجة اتفاقية السلام التي وقعت بين مدينتي إيليس وبيزا.
تطورت الدورات
الأوليمبية القديمة وزاد عدد اللعبات فيها وكانت جائزة الفائز في كل مسابقة هي تقليده
أحد أغصان الزيتون الذي كان ينمو خلف معبد زوس وتشير الأساطير القديمة إلى أن هيركليز
(هرقل) ابن زوس هو من زرع نبات الزيتون خلف
معبد زوس ولم تتوقف دورات الألعاب الأوليمبية القديمة حتى أثناء الحرب الفارسية حيث
أقيمت الدورة عام 480 قبل الميلاد.
في عام 146 قبل
الميلاد سيطر الرومان على اليونان وفرضوا سيطرتهم بالتالي على الدورات الأوليمبية ورغم
ذلك ظلت تقام كل أربع سنوات حتى عام 393 الميلادي قبل أن يقوم الإمبراطور البيزنطي
المسيحي تيودوروس الأول بإلغائها لتتوقف الدورات الأوليمبية بعد نشاط دام 1170 عاماً.
ارتبطت الدورات
الأوليمبية القديمة بعدد من الأساطير التي اختلفت حول مؤسس هذه الدورات حيث أدعى البعض
أن الملك بيلوبس هو مبتكر الدورات الأوليمبية وأن هذه المهرجانات الرياضية الكبيرة
كانت تقام لتخليد ذكراه وأمجاده حيث هرب بيلوبس ابن الملك تينتال ملك ليديا في آسيا
الصغرى من مملكة أبيه لقسوته عليه ووصل إلى دولة بيزا جنوب غرب اليونان وكان يحكمها
الملك أوينوماوس في القرن التاسع قبل الميلاد وكانت لدى الملك ابنة وحيدة هيبوداميا
رائعة الجمال.
وتنبأ الكهنة بموت
أوينوماوس على يد زوج ابنته فاشترط على من يتقدم لخطبة ابنته أن يركب معها في عربة
ثم يطارده الملك بعربته فإن لحق الملك بالخاطف قتله برمحه في ظهره من دون أن يقاومه
الخاطف أما إذا تمكن من الفرار بها فإنها تصبح زوجة له وكانت عربة الملك أفضل من عربة
المغامر لذا لحق الملك بثلاثة عشر خاطفا وقتلهم لكن بيلوبس كان شابا قويا وحاد الذكاء
فلجأ للحيلة وقدم كيساً من الذهب كرشوة إلى ميرتيلوس سائس عربة الملك ليخلع المسمار
الرئيسي ويعبث في عجلات العربة الملكية.
وبدأت المطاردة
وفجأة طارت إحدى عجلات عربة الملك وتحطمت العربة وقتل الملك ونجحت الحيلة وفاز بيلوبس
بالأميرة الحسناء وتربع على عرش مملكة بيزا وضم أولمبيا إلى مملكته وأمر بإلقاء السائس
الخائن ميرتيلوس من قمة جبل شاهق وأقام الاحتفالات بمناسبة فوزه بالأميرة والعرش وكانت
مزيجا من طقوس العبادة والرياضة ولإرضاء الآلهة وتكريمها أقام بيلوبس أول ألعاب رياضية
في مهرجان ضخم أقيم مرة كل 8 سنوات ثم أصبح كل أربع سنوات.
أما الأسطورة الثانية
عن مؤسس الدورات الأوليمبية القديمة فتأتي من بعض أبيات الشاعر بيندار الذي أكد أن
مؤسسها هو هركليز (هرقل) الذي كان عليه أن يقوم بتنظيف إسطبلات أوجياس ملك إيليس وبالفعل
وعد الملك بتنظيف إسطبلاته مقابل عشر ماشية الملك الذي وافق على طلبه وكما تروي الأسطورة
لجأ هرقل إلى تغيير مسار نهري كلاديوس وألفيوس ليصبا في إسطبلات الملك ونجح بالفعل
في تنظيفها ولكن أوجياس لم يف بوعده مما دفع هرقل إلى شن الحرب عليه وبعدها أسس الدورات
الأوليمبية تمجيدا لوالده زوس.
ارتبطت الدورات
الأوليمبية القديمة بعبادة الألهة والأبطال حيث كانت تقام في مراسم دينية لتمجيد الأبطال
المتوفين وهو ما استعرضه الشاعر الشهير هوميروس في قصيدته عن مقتل باتروكولوس صديق
أخيلس تحت أسوار طروادة حيث أكد وجود ألعاب جنائزية ضمن مراسم جنازته.
منذ بداية إقامة
الدورات الأوليمبية كان أحد أهدافها تقوية الروابط بين اليونانيين وتدعيم الشعور الوطني
لديهم ولكن خلال العصر الهليني "الإغريق ما بعد الإسكندر الأكبر" حرص الإغريق
الذين انتقلوا للإقامة في الدول المحيطة مثل مصر وسوريا وكذلك في آسيا على الاحتفاظ
بحضارتهم وثقافتهم وكان من بين سبل الحفاظ عليها بناء المنشآت الرياضية وممارسة ألعابهم
وأقاموا بعض المسابقات وأرسلوا ممثلين من بينهم للمشاركة في الدورات الأوليمبية.
وفي القرن الثاني الميلادي امتدت المواطنة الرومانية على الجميع داخل الإمبراطورية الرومانية وشهدت الدورات الأوليمبية مشاركة الرياضيين من خارج اليونان حتى تم إلغاؤها على يد الإمبراطور تيودوروس.