«أحداث غيرت التاريخ 1» مونديال 1954.. يوم أن كتبت أقدام الهواة تاريخ ألمانيا الحديثة
1863، حصل الانجليزي، تشارلز جوديير،
على براءة اختراعه لكرة من المطاط المقوى، تحولت إلى معشوقة القلوب، أفيون الشعوب
في العصر الحديث، بها انتصرت شعوب على الحروب، ومن خلالها ارتقت دولًا لمصاف
الكبار وباتت من رواد العالم الأول، هي كرة القدم، محبوبة الملايين، وساحرة القلوب
الأولى.
مئات من السنين مرت على اختراع ساحرة الملايين المستديرة، مرت بها أحداث طورتها وأخرى
غيرت في مجراها، وثالثة عبرت عن أفكار سياسية وأعادت لشعوب حقوقها، وأقامت دولًا
بعد سقوطها، وفي الحلقة الأولى من سلسلة تقارير «أحداث غيرت تاريخ كرة القدم»،
يستعرض «الكابتن» حكاية المباراة النهائية لبطولة كأس العالم 1954، بين ألمانيا
الغربية والمجر.
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، واستسلام ألمانيا غير المشروط في مايو 1945،
دخلت ألمانيا في فترة من الظلام بسبب تدهور حال البلاد ماليًا لما خلفته الحرب،
وانقسامها لجزئين شرقي وغربي، ومعاناة شعبها اقتصاديًا من توابع السقوط أمام
الحلفاء.
أقيمت بطولة كأس العالم 1954، في سويسرا بمشاركة 16 منتخبًا على 4 مجموعات؛ وضمت
المجموعة الأولى منتخبات ألمانيا الغربية، والمجر، وكوريا الجنوبية وتركيا.
وعلى آثار الحرب لم يضم المنتخب الألماني أي لاعب محترف، وكان الفريق بأكمله عبارة عن مجموعة من
اللاعبين الهواة
ولعب المنتخب
الألماني مباراته الأولى ضد تركيا في مدينة بيرن السويسرية، وحقق الفوز بأربعة
أهداف لهدف.
وفي الجولة الثانية، كان موعدهم مع مواجهة المنتخب المجري بمدينة بازل في 20 يونيو
1954؛ وانتهى الشوط الأول بتقدم المجر
بثلاثة أهداف لهدف؛ وفي الشوط الثاني استمرت ماكينة الأهداف المجرية بقيادة
بوشكاش، لاعب ريال مدريد، وساندور كوستيش، لاعب فريق برشلونة آنذاك، والذي سجل
أربعة أهداف، وانتهت المباراة بفوز المجر بثمانية أهداف مقابل ثلاثة لألمانيا.
وتأهل المنتخبان الألماني والمجري عن المجموعة الثانية لدور الثمانية، وواجهت
ألمانيا منتخب يوجوسلافيا وانتصرت عليه بهدفين نظيفين؛ فيما لعب المنتخب المجري ضد
البرازيل وانتصر بأربعة أهداف لهدفين.
وفي الدور نصف النهائي، واجه المنتخب الألماني، منتخب النمسا، وسحقه بستة أهداف
لهدف؛ فيما لعب منتخب المجر، ضد أوروجواي، وتعادلا في الوقت الأصلي بهدفين لكل فريق،
وانتصرت المجر بعد الوقت الإضافي بأربعة أهداف لهدفين.
واستضاف ملعب وانكدورف، في مدينة بيرن السويسرية، المباراة النهائية بين مجموعة
الهواة "منتخب ألمانيا الغربية" ومنتخب المجر.
وتقدم فرانك
بوشكاش للمجر في الدقيقة السادسة، ثم سجل زولتان سيزبور الهدف الثاني في الدقيقة
الثامنة، وبدأت الأمور في التعقد على لاعبي ألمانيا الغربية، ولكنهم لم يتخلوا عن
حلمهم، فقلص ماكس مورلوك النتيجة بعد دقيقتين فقط، ثم سجل هيلموت ران، هدف التعادل
في الدقيقة 18، واستمرت الحماس في المباراة بين الفريقين حتى انتهى الشوط الأول
بنفس النتيجة.
وفي الدقيقة 84، وقبل نهاية المباراة بأربعة دقائق فقط، عاد هيلموت ران ليكتب اسمه
بحروف من نور في تاريخ كرة القدم الألمانية، وسجل هدف الفوز لألمانيا، لتتحقق المعجزة،
ويصبح تتويج هواة ألمانيا الغربية بكأس العالم الأولى في تاريخ بلادهم، حقيقة
ملموسة، وسميت تلك المباراة بـ«معجزة بيرن».
صحيفة دير شبيجل الألمانية، علقت على هذه المباراة قائلة: "ولدت ألمانيا
المعاصرة في مباراة مدتها 90 دقيقة أمام المجر".