كان صنعت نجمًا «2» بوركينا 1998.. أنا حسام حسن لا أستسلم أبدًا
أيام قليلة وتنطلق بطولة كأس الأمم الأفريقية «كان 2021»..
بطولة تأجلت لمدة عام؛ بسبب ظروف فيروس كورونا، ويُتوقع لها كالعادة بأن تكون بطولة
قوية، رغم الظروف والضغوط التي حاوطتها، والتي جعلتها مهددة بالتأجيل مرة أخرى أو
ربما الإلغاء؛ فهي دائمًا ما كانت منبع للتنافس والشراسة المعتادة من أبناء القارة
السمراء.
«كان» كانت دائمًا شاهدة على
بزوغ نجم عدد كبير من اللاعبين، لاعبون أصبحوا من الكبار سواء في وقتنا الحالي أو
فيما مضى، وفي سلسلة «كان صنعت نجمًا» سنركز على لاعبين بدأوا رحلة تألقهم من
بطولة كأس الأمم الأفريقية.
وفي الحلقة الثانية من السلسلة، نستعرض رحلة حسام حسن، مهاجم الأهلي والزمالك السابق،
والمدير الفني الحالي للاتحاد السكندري، مع أمم إفريقيا 1998، وكيف أعادت له الحياة
مرة أخرى بعد أن قطعته أنصال الانتقادات، وقاربته مع الاعتزال.
حسام حسن حسنين، من مواليد 10 أغسطس 1966، بمنطقة حلوان التابعة لمحافظة القاهرة، وتوأمه
الشهير إبراهيم حسن، أحبا كرة القدم منذ الصغر، وانضما لصفوف ناشئي الأهلي، ثم
بدأت رحلة نجوميتهما بعد التألق مع الفريق الأول للقلعة الحمراء.
انطلقت نجومية حسام حسن مع النادي الأهلي، منذ عام 1984، وتألقه مع الفريق في
العديد من المنافسات، وامتلاكه هو وإبراهيم حسن ثقافة القتال حتى الثواني الأخيرة
من أجل تحقيق الانتصار، وهي واحدة من أهم عقائد النادي الأهلي الكروية.
واستمر التوأم حسن مع القلعة الحمراء، حتى عام 1990 وانتقلا لنادي باوك سالونيكي
اليوناني، ومنه إلى نادي نيوشاتل زماكس السويسري، ولكن تجربتهما الاحترافية لم
تستمر سوى عامين وعادا للقلعة الحمراء في 1992.
الغياب عن أمم إفريقيا.. وواقعة القميص
رغم تواجده بالفريق الأول للنادي الأهلي منذ عام 1984، إلا أن حسام حسن لم يشارك
في أمم إفريقيا 1986، ثم غاب عن نسخة عام 1990 بسبب اشتراك الفريق الرديف بدلًا من
المنتخب الأول.
أما الواقعة الأشهر في استبعاد حسام حسن من أمم إفريقيا، فبدأت فصولها في 1994،
عندما واجه الأهلي نظيره المصري، في بطولة الدوري لموسم «1994-1995».
حسام حسن، والمعروف بعصبيته وحميته في الملعب، اشتبك في تلك المباراة مع أحد لاعبي
المصري، ليشهر له الحكم البطاقة الحمراء، وهو ما جن جنون حسن، وانفعل على حكم
المباراة ليتدخل زملائه من دكة البدلاء ويخرجوه من الملعب.
ولكن أثناء خروجه من الملعب، خلع حسام حسن قميص الأهلي، وألقاه على الأرض، وهو ما
شاهده الجميع ممن كانوا في الملعب؛ أو أمام شاشات التليفزيون.
بعد انتهاء المباراة، أبلغ طارق سليم، مدير الكرة بالنادي، اللاعبين بأن صالح
سليم، رئيس النادي يريد الاجتماع بالفريق.
وأثناء الاجتماع أبلغ صالح سليم، آلان هاريس، المدير الفني للفريق آنذاك، بأنه قرر
إيقاف حسام حسن لمدة 6 أشهر، حتى لو كان ذلك يعني خسارة الأهلي للدوري، وبالفعل
طبق القرار على حسام حسن، ولكن الأهلي في النهاية توج بالدوري؛ وخرج حسام حسن وحده
خاسرًا، بإيقافه عن المشاركة مع الأحمر، وغيابه عن أمم إفريقيا 1994.
أشواك على الطريق إلى بوركينا فاسو
نسخة بوركينا فاسو كانت واحدة من البطولات الفارقة في تاريخ كرة القدم المصرية،
فجاءت بعد فشل ذريع لتجربة الخطيب وفاروق جعفر التدريبية، والخروج من تصفيات مونديال
1994؛ والفشل في التأهل لنصف نهائي أمم إفريقيا منذ نسخة عام 1986، والتي توج بها
المنتخب المصري في ستاد القاهرة.
قبل انطلاق البطولة، تعرض حسام حسن، صاحب الـ31 عامًا آنذاك، للعديد من
الانتقادات، بسبب تقدم عمره وقلة معدل أهدافه مع الأهلي، بالإضافة إلى التألق
اللافت آنذاك لعلي ماهر، لاعب الأهلي الجديد.
ويحكي طارق مصطفى، لاعب المنتخب آنذاك، والمدرب العام
السابق للمنتخب الوطني، عن الانتقادات ضد حسام حسن قائلًا: "حسام حسن تلقى العديد
من الانتقادات بعد اختياره ضمن قائمة المنتخب، ووصل الأمر لدرجة أنه قرر الرحيل
وعدم السفر لبوركينا فاسو، ولكن الجوهري احتوى الأزمة، وطلب من اللاعبين الفوز
بالبطولة للرد على الانتقادات، وهو ماحدث".
تصريحات طارق مصطفى أكدها حسام حسن بنفسه، في لقاء تليفزيوني جمعه بأحمد شوبير،
حارس الأهلي السابق، والإعلامي الحالي؛ إذ أكد الأخير أن إحدى المجلات أفردت
مساحات كبيرة للهجوم على اختيار حسام حسن ضمن قائمة المنتخب.
بينما قال حسام حسن إن ماتعرض له من انتقادات أشعره بالحزن، رغم أنه كان هداف
النادي الأهلي قبل توقف الدوري لانطلاق البطولة.
أمم إفريقيا 1998.. أن تأتي متأخرًا أفضل
المنتخب المصري أوقعته القرعة في المجموعة الرابعة، رفقة منتخبات موزمبيق،
وزامبيا، والمغرب، المتسلح بمصطفى حجي، أحد أصعب خصوم الفراعنة في تلك الحقبة.
افتتح المنتخب المصري مبارياته بمواجهة موزمبيق يوم 10
فبراير 1998، على ملعب بوبو ديولاسو، وسجل حسام حسن هدفين انتصر بهما الفراعنة.
وبعد 3 أيام، واجه المنتخب المصري نظيره منتخب زامبيا، على نفس الملعب، ليسجل حسام
حسن 3 أهداف، هاتريك، وهدف رابع لياسر رضوان؛ ويحقق الجوهري ثاني انتصاراته في
البطولة
ثم جاءت أهم مواجهات المجموعة في 17 فبراير، أمام
المنتخب المغربي، لحسم متصدر ووصيف المجموعة، والتعادل كان سيد الموقف، ويكفي
الفراعنة، حتى تلقى مدحت عبدالهادي بطاقة حمراء في تلك المباراة، بعد عرقلته
لمصطفى حجي، ثم سجل الأخير هدف الفوز لمنتخب المغرب ليحسم صدارة المجموعة في
الدقيقة 90.
وواجه المنتخب المصري نظيره كوت ديفوار في الدور ربع
النهائي للبطولة يوم 21 فبراير، وانتهى الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي
ليحتكم الفريقان لركلات الترجيح.
وتصدى نادر السيد، حارس مرمى المنتخب المصري لركلة جزاء إبراهيما ديوماند، لاعب
كوت ديفوار، ويصعد الفراعنة لنصف النهائي بتسديدة حازم إمام في آخر الركلات التي
فشل آلان جواميني في التصدي لها، ويختتم اللقاء بنتيجة 5-4 لركلات الترجيح.
وفي الدور نصف النهائي، عاد حسام حسن للتألق مرة أخرى، والإعلان عن جدارته بشارة
قيادة المنتخب المصري؛ ليسجل هدفي انتصار المنتخب أمام نظيره بوركينا فاسو، ليضرب
أبناء الجوهري موعدًا مع جنوب إفريقيا، أقوى منتخبات القارة آنذاك.
نهائي أمم إفريقيا.. أنا حسام حسن لا أستسلم أبدًا
المباراة النهائية للبطولة أقيمت يوم 28 فبراير، على ملعب الرابع من أغسطس في
مدينة واجادوجو، عاصمة بوركينا فاسو، بحضور جماهيري وصل إلى 40 ألف متفرج، تحت
قيادة تحكيمية للمغربي سعيد بلقولة.
لم ينتظر الفراعنة سوى 5 دقائق فقط ليسجل أحمد حسن أول الأهداف، وبعدها بثمانية
دقائق أضاف طارق مصطفى الهدف الثاني، وتستمر المباراة على هذا المنوال حتى يطلق
الحكم صافرته معلنًا نهاية المباراة وتتويج الجوهري ورجاله ببطولة إفريقيا.
أمم إفريقيا 98 شهدت انفجار موهبة حازم محمد يحيى الحرية إمام، والذي بات فيما بعد
واحدًا من أفضل لاعبي الوسط المهاجمين في تاريخ الكرة المصرية، كما أحيت حسام حسن
مرة أخرى، بعد أن رد بقسوة على الانتقادات بتسجيله 7 أهداف متشاركًا مع بيني
مكارثي، مهاجم جنوب إفريقيا، الذي كان محترفًا بآياكس أمستردام الهولندي آنذاك.
يومها بعث حسام حسن برسالة لكل من انتقدوه، حاربوه، ظنوا أنه سيعود بخفي حنين، يجر
خيبات الأمل بعد تكرار الفشل، وقف على منصة التتويج، وحمل كأس إفريقيا كأنه يقول
لهم: أنا حسام حسن، لا أستسلم أبدًا.