كنز الواقعية.. كيف فاز المنتخب المصرى على كوت ديفوار؟ «تحليل»
بأداء رجولي ومقنع، أسقط المنتخب المصري
نظيره منتخب كوت ديفوار، في مباراة دور الـ16 لبطولة كأس الأمم الإفريقية، وصعد
للدور ربع النهائي، ليواجه المنتخب المغربي.
قبل المباراة، كان مسار الحديث أن
المباراة ستكون من جانب واحد، كوت ديفوار تهاجم ومصر تحاول صد الهجوم الكاسح
للإيفواريين، نيكولاس بيبي وسباستيان هالر، وماكس جراديل سينصبون السيرك في وسط
ملعب مصر، سيتلاعبون بنا، ولكن دائمًا شخصية المنتخب المصري تظهر في أحلك الأوقات،
ويقدم أفضل مالديه دائمًا في المباريات الصعبة.
لماذا انتصر المنتخب المصري على كوت ديفوار؟ وكيف خنق كيروش ولاعبيه هجوم كوت ديفوار الكاسح؟
وهل قلة الأهداف مقلقة؟ وإلى أي مدى سيصل الفراعنة في البطولة؟، أسئلة سنجيب عنها
في التقرير التالي.
الواقعية كنز لا يفنى
تشكيل المنتخب المصري في بداية المباراة لم يحمل أي مفاجآت، السولية وحمدي فتحي
والنني، ثلاثي وسط الملعب بأدوار دفاعية صريحة من بداية المباراة، كيروش اعتمد على
تقارب الخطوط بين لاعبي المنتخب، وحرمان منتخب كوت ديفوار من استغلال المساحات
والدخول في مواقف 1-1 مع مدافعي المنتخب المصري، بالإضافة إلى نزول عمر مرموش إلى
جوار أحمد فتوح، وتقديم الدعم الدفاعي له في حالة فقدان المنتخب للكرة.
حالة عدم الاستحواذ، دائمًا ماتكون مؤشرًا لحالة الفريق الفنية في أي مباراة، كارلوس
كيروش اختار الواقعية قبل أي شيء آخر، وفضل اللعب بخطوط دفاعية متقاربة، وعودة
جميع اللاعبين خلف الكرة، وذلك لغلق أي مساحات بين الخطوط، وحرمان المنتخب
الإيفواري من أي محاولة لاستغلال هذه المساحات، واستخدام أفضليتهم في السرعة
والمهارة.
محمد النني وعمرو السولية قدما أدوارًا مميزة في الدعم الدفاعي لظهيري الجنب، بعودتهم
إلى الخلف وبدء الخط الدفاعي من وسط الملعب، مع وجود حمدي فتحي في عمق المنتصف
لتقديم الأدوار الدفاعية في عمق الملعب.
النني، رجل مباراة اليوم، قدم أداءً
مميزًا على مستوى التحركات في وسط الملعب، ونقل الفريق من الحالة الدفاعية للحالة
الهجومية، نجح في إغلاق المساحات على الجناح ماكس جراديل في الجناح الأيسر لكوت
ديفوار، وتشكيل جبهة قوية دفاعيًا مع عمر كمال عبدالواحد، بالإضافة إلى ارتداد محمد
صلاح وعودته لخط المنتصف في حالة عدم امتلاك المنتخب المصري للكرة، وهنا أصبح
المنتخب يدافع بظهيري جنب وهم عمر كمال عبدالواحد، ومحمد النني، ومن أمامهم محمد صلاح
الذي اقتصرت أدواره الدفاعية في أغلب الوقت على مقابلة الظهير المهاجم، وحرمانه من
التقدم أكثر بتواجد صلاح في منطقة تسمح له بالانطلاق من خلفه.
وعلى الجانب الآخر، كان أحمد فتوح على الموعد، ونجح في تقديم أفضل مبارياته في
البطولة حتى الآن، بشراسة دفاعية، وتركيز في المواقف الفردية، بالإضافة إلى دعم
عمر مرموش وعودته لمنطقة جزاء المنتخب من أجل التغطية الدفاعية.
وبمجرد انتقال الكرة للمنتخب المصري، كان يتقدم عمرو السولية ومحمد النني إلى منتصف
ملعب كوت ديفوار من أجل زيادة حلول التمرير والحفاظ على استحواذ الفريق على الكرة،
وكذلك متابعة الكرات المرتدة من الدفاع الإيفواري، وأجاد عمرو السولية في الشق
الهجومي بشكل خاص، ونجح في خلق أكثر من فرصة للتسجيل سواء بتحركه المباغت داخل
منطقة الجزاء، أو بتمريراته المميزة لمحمد صلاح أو عمر مرموش على الجناحين.
المتسرع مصطفى محمد والأسطورة صلاح
مصطفى محمد قدم مباراة مميزة على مستوى الضغط على دفاعات منتخب كوت ديفوار، والالتحامات
الثنائية معهم واستطاع تشكيل الخطورة على المرمى في أكثر من فرصة كاد من خلالها أن
يسجل هدف التقدم، ولكن مصطفى لم ينه الهجمات التي سنحت لها بالشكل الأفضل، وأهدر
الكرة في أكثر من لعبة كادت أن تكون أفضل حال تمريرها، ولكن إجمالًا لأدائه قدم
مباراة جيدة، واستطاع التأكيد على جدارته بالتواجد في هجوم منتخب مصر.
ولكن معضلة مصطفى محمد في مباراة الليلة كانت التسرع الزائد عن اللازم في إنهاء
الهجمات، وكذلك عدم التركيز في التمرير، ففي كرة بالشوط الثاني، كاد يضع محمد صلاح في موقف انفراد بالحارس ولكن تمريرته
لم تكن متقنة للحد الكافي ووصلت للمدافع بدلًا من صلاح.
محمد صلاح، رد على كل المشككين في أدائه اليوم، إذ إنه كان أكثر لاعبي المنتخب
المصري استفادة من المواقف الفردية الأرضية، وإن لم ينجح في الحصول على الكرة في
أغلب الكرات الهوائية، ولكن رغم الضغط الدفاعي الواضح من لاعبي كوت ديفوار استطاع
محمد صلاح الفوز بالكرة في أغلب الالتحامات الأرضية معهم، وأتم مراوغتين صحيحتين
من 4 محاولات، برغم العنف الزائد من الخصم ضده.
كارلوس كيروش.. مباراة بدون تأليف
السيد كارلوس كيروش، المدير الفني للمنتخب الوطني، دخل المباراة بدون أي مخاطرة أو
محاولة لاستعراض قدراته التكتيكية على تغيير مراكز اللاعبين، ووضع كل رجل في مكانه
الصحيح.
فظهر لدينا محمد صلاح يخترق الجانب الأيمن لكوت ديفوار، ويتحرك إلى عمق الملعب
ليحرك لعب المنتخب المصري بتمريرة للمهاجم المخترق خلف الدفاع أو بكرة عرضية،
وكذلك تحركاته وضعته في أكثر من موقف مميز للتسديد، وأبرزها تسديدة الشوط الأول
التي أنقذها الحارس سنجاري.
وظهر أيضًا مصطفى محمد وهو يخترق الدفاعات، ويكرس جهده البدني بأكمله في الضغط على
مدافعي كوت ديفوار، بالإضافة إلى تحرر محمد النني وعمرو السولية في حالة استحواذ
المنتخب على الكرة وتقدمه إلى منتصف ملعب الخصم زاد من فرصة المنتخب في الحصول على
الكرة، وكذلك التغييرات والتي كانت أبرز الانتقادات ضد كيروش، محمد شريف مهاجم
مميز في التحركات بين منطقة الجزاء والمساحات على جانبيها وكذلك يجيد الكرات
الهوائية، دخوله في الأشواط الإضافية أفاد المنتخب المصري ونشط الهجوم بعدما ظهر
التعب على مصطفى محمد من المجهود البدني في الوقت الأصلي.
كذلك دخول محمود حسن تريزيجيه، وأحمد سيد زيزو، أضاف للمنتخب قدرات هجومية كبيرة
على جانبي الملعب، كما منح محمد صلاح حرية التحرك إلى داخل منطقة الجزاء واستغلال
وجوده وانشغال أحد المدافعين بمراقبته لإحداث ثغرة في الدفاعات تمكن المنتخب من
خلالها من التسديد على المرمى.
مباراة المغرب.. التسرع لن يفيد
المنتخب المصري على موعد مع مباراة قوية ضد نظيره المنتخب المغربي في الدور ربع
النهائي لأمم إفريقيا، ولكن المنتخب المغربي يهاجم بشكل مختلف وبشراسة أكبر من
المنتخب الإيفواري، ولهذا يجب الدخول في مباراة المغرب بنفس الأداء الذي قدمناه
اليوم، وتضييق المساحات بين الخطوط، والتركيز بشكل أكبر على إنهاء الفرص المتاحة،
لأن الهجوم المغربي لن يتوانى في ضرب شباكنا إذا سنحت لهم الفرصة.