عمر عبداللاوى.. الرجل الذى انتصر ولم يقاتل فى أفغانستان
المكان: حديقة أحد المنازل في مدينة اسطنبول التركية، الزمان: 31 ديسمبر 2020، الاحتفالات تعم الأرجاء، ويكسر الاحتفالات صراخ أحدهم: "لا يمكنني الرؤية، هناك شيء ما على عيني؛ أشعر أن وجهي يحترق تمامًا، وكل شيء تحول للون الأسود".
الطبيبة: "احتمالية عودة
بصره ضئيلة، إنها بين 5 و10%، ما أراه هي الأسوأ في مسيرتي المهنية منذ 35 عامًا".
لمعرفة أصل القصة، علينا العودة إلى الليلة الأخيرة بعام 2020، واحتفال عبدولاي مع عائلته وأصدقائه بالسنة الجديدة، وقبيل استعداده لإطلاق ثالث الألعاب النارية بثوانٍ قليلة.
ولكن لم تكن تلك البداية الحقيقية للقصة.. فهي بدأت في أغسطس 2020، عندما وقع عبداللاوي
لجالاتا سراي قادمًا من فريق أولمبياكوس اليوناني في صفقة انتقال حر، الظهير
الأيمن الذي لعب لأشبال مانشستر سيتي، ولفينورد الهولندي، ولنادي هال سيتي
الإنجليزي.
12 سبتمبر 2020، لعب عبداللاوي أولى مبارياته بقميص الفريق التركي، ضد فريق جازي عنتاب،
ولعب أساسيًا حتى نهاية المباراة التي انتهت بفوز فريقه بثلاثة أهداف لهدف، وشارك
بعدها في 12 مباراة بقميص الفريق.
"لا يمكنني الرؤية، لا يمكنني الرؤية" هكذا صرخ عبداللاوي في عائلته
وأصدقائه ليلة رأس السنة بعد انفجار إحدى الألعاب النارية بوجهه أثناء إشعالها
للاحتفال بالسنة الجديدة.
بإحدى الغرف بمستشفى بمدينة إسطنبول، جلس عبداللاوي على أحد الأسِرّة في حالة
صدمة، وخارج الغرفة زملاؤه بالفريق، وفاتح تريم مديره الفني، وعائلته في حالة انهيار
تام.
ويحكي عبداللاوي لـ«جارديان»: "حاولت يائسًا أن أفهم طبيعة ماحدث لي، ولكن
الأمر كان صعبًا؛ أعتقد لأن وجهي احترق بسبب البارود في الألعاب النارية، وأظن أنه
كان صعبًا عليهم ليخبروني بذلك".
وتابع: "ولكن في لحظة جذبت طبيبة من المتواجدين، وقلت لها أخبريني الحقيقة
ومدى إصابتي، أخبرتني أن العين اليسرى ليست بحال سيء، أما اليمنى، لا نعرف؛ ولكني أدركت
من الطريقة التي قالتها بها أن الأمر ليس جيدًا".
العين اليسرى لعبداللاوي
بدأت في التعافي تدريجيًا، فبدأ الأمر ببصيص من الضوء، ثم بدأ يرى ويدرك الألوان والأشكال.
الأطباء وضعوا نسبة من
5 إلى 10% لاحتمالية عودة بصر عبداللاوي له مرة أخرى، بل إن أحد الأطباء وصف إصابته
أنها أسوأ بـ4 مرات من إصابة جندي أمريكي تعرض لانفجار قنبلة في أفغانستان.
رغم ضعف الأمل، بدأت المرحلة
الأولى بعلاج عبداللاوي، عن طريق تهدئة العين وتثبيتها بالأدوية، ثم إجراءات لتقوية
سطح العين باستخدام غشاء سلوي، مأخوذ من المشيمة البشرية، وإنشاء جلد زائف، وكذلك إنشاء
جفن جديد للحفاظ على حماية العين، وتم أخذه من داخل فمه وجلده.
وهنا عبداللاوي يقول:
"لقد أنقذتني التدريبات، وأبقتني على قيد الحياة، بدونها لم أكن لأواصل هذا الطريق،
لقد كان ذلك محاولتي للهروب، وضعت في ذهني أنني سأعود لكرة القدم مرة أخرى، في كل مرة
كنت أخوض جلسة شاقة، كنت أتخلص من كل الأحاسيس السيئة، وتتزايد لدي القوة والشعور بأنني
مازلت على قيد الحياة".
زملاء عبداللاوي لم يتركوه
لحظة، وتكفل النادي بتكاليف علاجه.
"لديه عقلية قوية،
وكان قادرًا على رؤية الأمر إيجابيًا، أعتقد أن الأشخاص من حوله كانوا كذلك أيضًا"
ستال سولبكين، المدير الفني للمنتخب النرويجي.
وكيل أعمال عبداللاوي لم
يتركه لحظة واحدة، فمن اليوم الثاني له في المستشفى كان بجواره.
ويعلق عبداللاوي عن هذا
الأمر قائلًا: "لا أعتقد أن أي وكيل أعمال في العالم سيفعل ما فعله هو، لقد ظل
بجواري ونام في نفس الغرفة معي لمدة شهر، رغم أنها كانت فترة انتقالات يناير، أنا محظوظ
به جدًا".
عبداللاوي، غاب عن
الملاعب لمدة 13 شهرًا، وخضع لـ11 عملية جراحية منذ إصابته في ليلة رأس السنة،
ليستعيد بصره مرة أخرى، ويعود للمشاركة في تدريبات فريقه يوم 31 يناير الماضي،
مرتديًا نظارة وقاية لعينيه.
وخاض عبداللاوي مباراة جالاتاسراي اليوم أساسيًا، وكسب احترام العالم بأسره بعد أن
انتصر على المرض، واستعاد بصره ومسيرته مرة أخرى.. رجل لم يفقد آماله وإيمانه
فانحنى له الطب والقدر واستجاب له الله.
عبداللاوي بعد مباراة فريقه اليوم قال في تصريحات تليفزيونية: "مررت بأوقات صعبة جدًا، لقد كانت إصابة صعبة؛ تعثرت كثيرًا قبل العودة مرة أخرى لممارسة أكثر الأشياء التي أحبها على أرضية الملعب؛ إنها المرة الثانية التي أشعر فيها أنني حققت أحلامي، المرة الثانية التي أعود فيها لكرة القدم؛ شكرًا لكل من ساعدني خلال هذه الفترة".