«دستور الأساطير».. لماذا لا يتعلم «الشحات» من دروس «الخطيب»؟
حينما كنت مدربًا لبايرن ميونخ، كان أكثر شىء يقلقني هو موقف مجلة النادي بعد أي هزيمة أو سقوط.. بيب جوارديولا في كتابه عن مرحلة العملاق البافاري.
هكذا يؤمن أعظم مدرب في تاريخ كرة القدم، وهكذا ترسخ كل النظريات العلمية والعملية، واجتمعت كل الرؤى الفلسفية:« الإصلاح يبدأ داخليًا».
أعجبني بشدة الكابتن محمود الخطيب عقب خسارة نهائي دوري أبطال إفريقيا، كان بمقدوره الغرق في نظرية المؤامرة، وكان سيجد جيشًا يضم عشرات الملايين يدعم وجهته هذه.. لكن ماذا جرى حينها؟
أول قرار لرئيس الأهلي عقب الخسارة كان الاجتماع بالجنوب إفريقي بيتسو موسيماني، حاسبه على كل تفصيلة، وحمله ولاعبيه كل المسئولية تجاه خسارة اللقب.
خرج بتوصيات واضحة لا يمكن التراجع عنها، تعديلات كبيرة في الجهاز الفني، للارتقاء بالحالة الفنية والبدنية، وذلك من خلال دخول أكثر من اسم جديد في تخصصات مختلفة، سواء كانت فنية، بدنية، تحليلية، وغيرها.
لو تبنى «الخطيب» دور الضحية، وغرق في نظرية المؤامرة، لما لامه أحد، فما جرى للأهلي هو أكبر تواطؤ في تاريخ القارة السمراء، ولا يمكن لأي منطق أو عقل أن يصف إسناد النهائي وتوجييه نحو نادٍ بعينه موسمين متتالين بغير الفضيحة.
لكن في عٌرف الأساطير وفي قارتنا رياضيًا يقبع «بيبو» على رأس هرم هؤلاء، لا مكان للضحية في عالمنا، ولا يمكن لشخص أن ينجح نجاحًا خارقًا وقياسيًا كما حال الأهلي دائما، إذا ارتكن لنظرية المؤامرة، ولعب دور الضحية، حتى وإن كان ذلك متحققًا مائة في المائة.
هؤلاء الأساطير في شتى المجالات «السياسة، الرياضة، الفن»، يؤمنون دائمًا بأن بمقدورهم على كسر أي تأمر، وقهر أي صعاب ومطبات، وأنه إذا قمت بما هو مطلوب مني على أكمل وجه، سأهزم أي شئ، مؤامرات داخلية وخارجية، ظروف قدرية استثنائية، أي شئ يمكن الانتصار عليه، إذا قمت بدوري دون خلل.
لذلك لم يكن مستغربًا بالنسبة لي أن الرجل «الخطيب» الذي فاز بدوري أبطال إفريقيا مرتين متتاليتين، وألحقهم ببرونز المونديال في نفس المرتين، ثم صعد لنهائي النسخة الثالثة، لم يكن مستغربًا أن يحاسب نفسه أولًا، ويراجع الأخطاء الداخلية، ويحاول تصويبها، قبل أن يقول في مؤتمر صحفي عالمي إنكم ظلمتونا، وما فعلتموه في «كاف» واتحاد الكرة، كان عارًا.
جاءت خطورة المؤتمر الصحفي لفضح «كاف» و«الجبلاية» تالية لمحاسبة الذات، فهي مجرد رسالة لمحاولة منعها مستقبلًا، ولتوثيق تاريخ من حق الأجيال القادمة الإطلاع عليه، لكن الأهم أن «بيبو» بدأ القضية بإصلاح الذات قبل النظر للمعوقات المحيطة.
أجرى الخطيب تعديلات كلية بعدها بتغيير جهاز فني، ولأول مرة في تاريخ الكرة المصرية، يتعاقد نادٍ مع جهاز بهذه الصيغة التكاملية، مطور أداء إلى جانب محلل أداء الخصوم، ومعد نفسي، وكذلك منح المدير الفني كل متطلباته لتكوين فريق احترافي لا ينقصه تفصيلة.
في التوقيت ذاته أدرك جوانب القصور التي نتجت عن بعض مراكز الضعف في الفريق، فوجد أمير توفيق، مدير التعاقدات يتحرك في شمال إفريقيا بحثًا عن لاعب وسط، ورأينا تحركات جادة للتدعيم.
هنا يمكنك النظر بعمق إلى الكيفية التي أدار بها رئيس الأهلي الأزمة، وبعد سنوات قليلة حينما يعاود احتكار الألقاب ستتأكد تمامًا لماذا هو أسطورة متفردة، ولماذا الأهلي دائمًا غير الجميع قبل أن يكون فوقهم!.
لكن الأكثر غرابة بالنسبة لي أن يكون قائدك «الخطيب»، الرمز، والقدوة، والقيمة، وألا تستطيع إدراك جوانب قواه، وتحاول التعلم منها.
هنا استوقفني موقف حسين الشحات، لاعب الفريق الأول، والكيفية التي يتحدى بها ملايين من الجمهور الغاضب من أدائه وعطاذه.
بمجرد ما يرصد رأيًا ينتقده، يهرول كطفل فقد صوابه، يجرى هنا وهناك لمحاولة وقف المؤامرة الكونية التي تحاك ضده، في موقع «الكابتن» يحاربوني، والصحفي الفلاني يمارس الكراهية ضدي، والجمهور الذي يهاجمني مأجور ولجان!، أي سبب آخر غير أنني مقصر!.
كتبت هنا في «الكابتن» بأن حسين الشحات لا يتعلم، ولا يمارس الاحترافية، يصر على أسلوب بعيد كل البعد عن كونه نجمًا في نادٍ بحجم الأهلي.
وفجأة وجدت حربًا، أحد مقدمي القناة وهو صديق أعتز به وأقدره ودائمًا ما أستمتع بكوني ضيفه أو بمجرد الحديث معه خارج الهواء، وجدته يتهمني بالكراهية والحقد، ولغرابة الأقدار جاء أكثر من 90% من التعليقات على صفحة القناة على هذا الفيديو ضد المقدم والشحات، لأن الحقيقة التي لا تستطيع حجب رؤية الناس عنها واضحة تمامًا.
ما أود قوله في نهاية المطاف، بأننا لم ولن نقصد أبدًا تجريح الشحات، فكنا داعمين ولا زالنا داعمين له ولكل لاعبينا، لكن دعمنًا ليس مشروطًا بما يروق لك.
أن أكبر خطيئة قد تٌمارس بحقك، تلك التي يمارسها من يخدعونك، يصورنك مثاليًا، يحيطونك دائمًا بالأكاذيب، فيدعونك غارقًا في بحر الفشل حتى تستفيق على صدمة.
على يقين كامل بأن الدفاع المستميت ومحاولة وقف أي نقد يصدر ضد اللاعب ليس موقف القناة، ولا موقف النادي، ولا موقف محمود الخطيب الذي علمنا دائمًا، ولا زال يعلمنا كيف نكون ناجحين، فاعلين، قدوة لغيرنا، فهل يدرك «الشحات» أين يقف قبل فوات الأوان!.