خبراء يضعون روشتة خروج الكرة المصرية من مأزق التحكيم الردىء
12 ناديا من بين 18 تتنافس في بطولة الدوري العام هذا الموسم تقدمت بشكاوى رسمية ضد الحكام، بالتزامن مع حالة حرب إعلامية وتراشق متبادل حول أداء الحكام عقب كل مباراة.
لم تعد الفنيات هي محور الحدث، وتنحى التكتيك جانبا، وقل الحديث عن اللاعبين وإبداعاتهم، ولم تعد تشغلنا جماليات كرة القدم، وبات الشغل الشاغل للجميع بعد كل مباراة، هو قرارات الحكم، الذي بات أسوأ ما في منظومة كرة القدم المصرية، ولم يعد أي طرف راضيًا عن أدائه، لدرجة دفعت مسؤولي لجنة التحكيم إلى الاستعانة بخيير أجنبي يدير لجنة التحكيم.
لماذا وصلنا لهذا التردي؟ وكيف يكون السبيل للخروج من المأزق؟ وهل يتمكن الإنجليزي مارك كلاتنبرج من تقديم جديد؟.... تساؤلات وضعناها أمام خبراء اللعبة، لنلمس معهم تفاصيل المشكلة من جذورها، أملًا في وضع تصورات للخروج منها وتطوير منظومة التحكيم في مصر.
جمال الغندور: استقلالية المنظومة بميزانية كافية.. ووقف الهجوم الإعلامي
رأى جمال الغندور، الحكم الدولي ورئيس لجنة التحكيم سابقًا، أن عدم استقرار إدارة التحكيم من أهم أسباب تراجع المنظومة، في ظل كثرة تغيير لجنة الحكام كل موسم.
وقال «الغندور»: «كل مسؤول يتولى رئاسة لجنة التحكيم تكون لديه رؤية شخصية معينة، ويعمل وفق تصوره الذاتي، دون نظام أو شكل استراتبجي معين يتم تطبيقه مهما اختلفت الأسماء أو الوجوه»، مضيفًا: «لو كان هناك أسلوب موحد ومُتفَق عليه داخل لجنة التحكيم، لقل كثير من الأخطاء».
وانتقد كذلك كثرة تغيير مجالس إدارة اتحاد الكرة، مشيرًا إلى أن الفترة الأخيرة شهدت وجود اتحاد كرة، ثم لجنة مؤقتة، ثم لجنة مؤقتة أخرى، وأخيرًا اتحاد الكرة الحالي، وكل هذه التغييرات أدى إلى هبوط المستوى».
كما نوه بتأثر الحكام بمواقع التواصل الاجتماعي بصورة كبيرة، وهو ما رصده خلال توليه رئاسة لجنة التحكيم، لذلك أصدر حينها قرارًا بمنع وجود أي صفحات شخصية لأي حكم مصري على هذه المواقع.
وفيما يتعلق بتقنية حكم الفيديو المساعد «الفار»، الذي تسبب في جدل كبير آخر موسمين، قال الحكم الدولي السابق: «بداية استخدام التقنية في مصر كانت رائعة، لكن إدارة (الفار) وبجنة التحكيم بالكامل رحلت، وعند عودة النشاط بعد فترة كورونا، لم تكن هناك إدارة متخصصة للتقنية، ما أدى إلى وجود خلل كبير».
ورفض تحليل «البعض» للحالات التحكيمية المتعلقة بتقنية حكم الفيديو المساعد، معتبرًا أن «تقنية (الفار) لا يجب تحليل حالاتها والحديث عن أخطائها، إلا من خلال من درسها ويكون متخصصًا فيها».
ورأى أن مصر لديها العديد من الكوادر التحكيمية الكثيرة والمتاحة، لكن قيادات التحكيم المؤهلة أعدادها محدودة، في المقابل، معتبرًا أن مصر ليست بحاجة لخبير أجنبي، ومع ذلك يتمنى التوفيق للخبير الإنجليزي كلاتنبرج الذي تولى المهمة مؤخرًا.
وشدد على أن تطوير المنظومة يحتاج إلى استقلالية لجنة التحكيم بشكل تام، وعدم التدخل مطلقًا في عملها، إلى جانب تخصيص الميزانية الكافية للإنفاق على الحكام وتطوير مستواهم، وعدم تأخير مستحقاتهم.
كما نبه إلى ضرورة البحث عن العناصر المؤهلة، والبعد عن «الشخصنة» في تعيينات لجنة الحكام، وحماية الحكام وقادة المنظومة من نقد وهجوم بعض وسائل الإعلام المنتسبة للأندية وكذلك مسئولي الأندية الكبيرة.
جهاد جريشة: تدريب طوال الموسم على «الفار».. ومحاسبة المخطئ
وصف جهاد جريشة، الحكم الدولي السابق، الموسم الحالي بأنه الأسوأ للتحكيم في مصر خلال الـ 25 سنة الأخيرة، مشيرًا إلى أن تقنية «الفار» كانت من المفروض أن تقلل من الأخطاء الجسيمة التي نراها هذا الموسم، لكن حدث العكس، وأصبحت الأخطاء في وجوده لا تعد ولا تحصى، وزادت بنسبة غير طبيعية، حتى أصبحت التقنية نقمة لا نعمة.
وقال «جريشة»: «تقنية الفار تحتاج إلى دراسة وتدريب مكثفة من قبل الحكام المصريين، وليس معسكرات وأخذ الرخصة الخاصة بها فقط قبل الموسم، فيجب على كل تعلم التقنية طوال الموسم، مثلما يحدث في العالم أجمع».
وأضاف أنه في «فيفا» و«كاف» يكون تدريب الحكام مستمرًا طوال العام، وهذا رأيناه في المباريات التي أدارها حكام أجانب بشكل ممتاز، وآخرها كانت مباراة بيراميدز والزمالك، فرأينا كيف يعطي الحكم قراره سريعًا، في دليل على إتقانه وتدربه على استخدام هذه التقنية.
وواصل: «في مصر يتم تدريب الحكام قبل الموسم، لذلك خلال الموسم نفسه ترى أخطاء كبيرة، لذا يجب التدريب بشكل عملي طوال الموسم، وأرى أن الحكام في الأول والآخر بشر، لذلك من الممكن أن يتأثر بعضهم بالسوشيال ميديا، حسب خبرة كل حكم».
وشدد على أنه «لا أعتقد أن هناك حكما مصريا يسعى لفوز فريق على آخر، من الممكن أن يكون الحكم غير مؤهل لقيادة المباراة نفسيًا، حسب حجم وجماهيرية كل لقاء».
واتفق مع جمال الغندور حول امتلاك مصر كوادر تحكيمية رائعة، لكنها تحتاج إلى تأهيل بشكل أفضل، كي يمثلوا مصر إفريقيا وعربيًا وعالميًا بالصورة المثلى، وهذا يأتي عن طريقة عودة الثقة في هؤلاء الحكام من جانب الأندية، الأمر الذي يحتاج إلى عمل كبير.
ورحب «جريشة» بالخبير الأجنبي، شريطة أن يقدم جديدًا في الكرة المصرية، معتبرًا أن فترة عصام عبدالفتاح لا يزيد تقييمها عن خمسة ونصف من عشرة، وفق قوله.
وشدد بصورة وجود تدريب مستمر للحكام المصريين على مدار الموسم، خاصة فما يتعلق باستخدام تقنية «الفار»، والعدالة في توزيع مباريات الموسم على الحكام، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب على الجميع، دون النظر لفكرة هذا حكم صغير وهذا حكم كبير، لكي يعرف الكل أن المخطأ سيُحاسب دون أي اعتبارات، إلى جانب العمل على عدم تأخر مستحقات الحكام.
توفيق السيد: الاعتماد على رئيس اللجنة فقط دمر المنظومة
قال توفيق السيد، رئيس لجنة حكام القاهرة السابق، أن الأخطاء لا تقع على عاتق رئاسة اللجنة فقط، لذا يبدو من الغريب تغيير «الرأس» فقط واستمرار الأعضاء كل مرة.
وأضاف «السيد»: «الأخطاء التحكيمية موجودة في العالم كله، لكنها زائدة بشكل غير طبيعي هذا الموسم»، معتقدًا أن 90% من سوء الأداء سييه تقنية «الفار».
وانتقد سوء عدالة توزيع المباريات على بعض الحكام، متابعًا: «رأينا الحكم يخطئ ولا تتم محاسبته وتسند إليه المباريات بعدها مباشرة، كما أن هناك بعض الحكام يلعبون مباراة كل 48 ساعة».